شهادات مكتوبة

قصة حسن المغربي

اسمي حسن، ولدت وتربيت في أسرة مسلمة بالمغرب. كنت أعمل ميكانيكيا لإصلاح السيارات، وسنة 1993 سافرت إلى ليبيا، وبقيت هناك. كانت مرحلة صعبة من الوحدة والمعاناة.

سنة 2000 انتقلت من مدينة سرت الليبية إلى مدينة طرابلس للإستقرار بها. هناك تزوجت بمغربية، و سنة 2001 أنجبت مولودة بنتا و في سنة 2010 رزقت بمولودة أخرى. كنت أملك ورشة كبيرة لإصلاح السيارات مقابلة لمسجد هناك وكانت أحوالي المادية ميسورة جدا.

و بعد سنة من قيام الثورة و الحرب الأهلية في ليبيا ضد نظام معمر القذافي وبالضبط في سنة 2012 بدأت مشوار البحث عن الحقيقة فيما يخص الإسلام. كنت أشاهد حلقات برنامج “سؤال جريء” للأخ رشيد على اليوتيوب، فارتدت عن الإسلام. ومن هناك انطلقت عاصفة من المشاكل في حياتي، بدءا بالمشاكل مع زوجتي، حيث أرسلت ابنتاي للمغرب وبقينا وحدنا، فتفاقمت المشاكل بيني وبينها وانفصلنا عن بعض بدون طلاق. كان بجوار ورشتي مسجد سيطرت عليه مجموعة من الدواعش الذين كانوا يقومون بتجنيد الشباب وإرسالهم للجهاد في عدة مناطق كسوريا والعراق.

سنة 2014 كان يعيش معي في ليبيا أخي الصغير، وكنت أتكلم وأجاهر أمامه وأمام أصدقائه المغاربة ببشاعة أعمال داعش في سوريا والعراق وليبيا و التي تستمد مبادئها من الإسلام وكنت اجاهر أيضا أمامهم بإيماني بالرب يسوع المسيح. كان أخي يصلي في المسجد الذي كانت فيه تلك الدواعش تتمركز، وكنت أحذره منهم خشية عليه من أفكارهم الداعشية، وطلبت منه عدم الذهاب لذلك المسجد.

كان هؤلاء الدواعش يرغبون أن يأخدوا مني الورشة التي أملك و التي تعبت كثيرا من أجلها. فبلغوا عني ظلما و كذبا المخابرات التابعة لجماعة إسلامية كانت تسيطر على تلك المدينة على أنني أعمل مع مشعودة مغربية. قضيت في سجنهم 25 يوما و كان يُفرض علي فيه بالقوة وأنا مسيحي أن أتوضأ و أصلي الصلوات الخمس الإسلامية في أوقاتها. وبعد إطلاق سراحي وجدت أن الورشة قد أُخِدت مني وأُعطيت لشاب كان يعمل معي فيها. وبعد وقت وجيز توصلت بمكالمة هاتفية من أولئك الدواعش، يهددونني بمغادرة المدينة وإلا سيتم اغتيالي برصاصة في الرأس.

انتقلت لمدينة أخرى، وفتحت ورشة صغيرة هناك وبدأت العمل فيها بعيدا عن المدينة التي كنت فيها خوفا على حياتي. وبعد مرور الوقت انتقلت لعمل آخر، مع أحد الليبيين في ورشة لتكسير الحجارة المستخدمة لأغراض البناء (الكسارة) بالجبل. وكنا مشتركين في ذلك المصنع. كنت أعمل ليل نهار، أتوقف للراحة فقط.

هناك تعمقت معرفتي بالرب يسوع المسيح أكثر، لأنني حينها كنت أعيش وحيدا، وكانت لي بعض الحرية في البحث ومتابعة حلقات برنامج الأخ رشيد وكثيرا من برامج المبشرين العرب. كما كنت أدرس الكتاب المقدس عبر الأنترنيت وأدرس تفسيره للتعمق في فهمه. وكنت كلما ازددت بحثا زاد حبي ليسوع المسيح وازددت إيمانا بكونه هو الله الحق.

عند عودة أخي للمغرب، و كشخص قادم في ذلك الوقت من ليبيا كان عاديا جدا أن يقوموا باستجوابه بالمطار، فأخبرهم أنني ارتديت عن الإسلام و أنني كنت أطلب منه عدم الصلاة في ذلك المسجد.

سنة 2016 قررت الذهاب إلى المغرب، وهذه السنة لن أنساها طوال عمري على الإطلاق، لأنها أسوء سنوات عمري. اشتريت تذكرة الطائرة، وسافرت قاصدا بلدي المغرب وأنا جد فرحان. وأثناء نزولي في مطار الدارالبيضاء، وجدت الأصفاد (المينوط) تكبل يداي.

ما زادني حزنا وألما هُما بناتي الصغيرات اللاتي كن ينتظرنني في المطار… ضاعت أغراضي وحقائبي التي كنت أحملها معي وأُخذت مني من قبل السلطات في المطار. حتى الهواتف المحمولة أخذت مني، ثمان هواتف أحدها هاتفي الخاص والباقي هواتف جديدة (هدايا للعائلة والأصدقاء) كنت أحملها معي. وكذلك حاسوبي المحمول وملابسي وكل محتويات الحقيبة، ومبالغ مالية تقدر بأكثر من 3000 دولار كلها سرقوها مني. وقادوني إلى المعتقل مكبلا في الأصفاد (المينوط) كمجرم خطير أو إرهابي مطلوب عالميا. كل هذا ظلما وباطلا.

في اليوم الثاني نُقلت لغرفة التحقيق، كان أول سؤال تم طرحه علي : هل تشاهد فيديوهات داعش؟

استغربت من هذا السؤال، هل هذه القيامة كلها وتضييع أغراضي ومالي لأجل هذا السؤال؟

 أجبتهم: نعم، العالم كله يشاهد اليوتيوب ويشاهد الدواعش وأفعالهم الهمجية.

منذ متى وأنت في ليبيا؟

أجبت: منذ سنة 1993.

ما عملك؟

فأجبت أنني ميكانيكي سيارات و كنت شريك في ورشة لتكسير الحجارة الخاصة بالبناء.

لماذا كانوا يُسمونك بالداعشي؟

فكان جوابي باستنكار أن لا أحد يلقبني بهذا اللقب. فعلمت أن أخي هو من أخبرهم بهذا ولفق لي هذه التهمة، لأنه أبغضني وأكن لي حقدا شديدا بعد أن ارتدت عن الإسلام وأصبحت مسيحيا.

هل تنتمي لجماعة إسلامية أو تؤمن بالجنة؟

أجبت: أبدا، أنا أصلا لا أومن بالإسلام، فكيف أنتمي لجماعة من جماعاته، لا أومن لا بمحمد ولا بالجنة التي فيها فقط الجنس والخمر.

انزعجوا بشدة من هذه الإجابة وكدت أتلقى منهم الضرب المبرح. ختمت كلامي معهم قائلا: أنا أومن فقط بيسوع المسيح ولا أومن بالإسلام.

قضيت 3 أيام في التحقيق، من بين 12 يوما قضيتها في المعتقل بمدينة الدار البيضاء، وكان من بين رجال الأمن رجل متشدد ملتح، ضربني أثناء التحقيق عندما تحدثت على الإسلام أنه مصدر كل شرور في العالم. كانوا يبحثون عن شيء يُلصقون به تهمة الإرهاب لي، لكن كل الأدلة كانت تثبت براءتي من هذه التهمة. فعملي واضح وثابت، وكثيرا من الصور في هاتفي المحمول تثبت أنني كنت أعمل في ورشة لتكسير الحجر المستخدم في البناء، ولا توجد صورة واحدة للأسلحة.

سألوني هل كانت لديكم أسلحة في الورشة؟ وأجبت بصراحة تامة، أن الحارس الذي كان يحرس آلات العمل والورشة هو الوحيد الذي كان يحمل السلاح، لغرض الحراسة فقط. كما أن كل الحراس الليليين في ليبيا كان لابد لهم من حمل السلاح لأجل الحراسة ولإنعدام الأمن في ليبيا في تلك المرحلة المشحونة بالتوتر والفوضى، خوفا من السارقين والناهبين…

وقد تم اتهامي في المحضر الذي تمت صياغته لي، بحيازة الأسلحة، وملئوا الكثير من الأوراق بالتهم الملفقة بغير حجة أو دليل.

مررت بالنيابة العامة، وسألوني حينها عن زوجتي، هل طلقتها؟ استغربت من هذا السؤال الذي لا علاقة له بالموضوع. أجبتهم أنني لم أطلق زوجتي لأنني مازلت أحبها. وانتهى التحقيق في النيابة بسرعة دون أن يفسحوا المجال للدفاع عن نفسي وبيان براءتي.

أعادوني للتحقيق، وتم إخباري أن التهمة هي انتمائي لفكر ما، ربما متشدد، لم أكن أعلم حتى حقيقة التهمة الملفقة لي، أخبرتهم مجددا أنني أصلا لا أومن بالإسلام ولا بمحمد رسول الإسلام فلا يمكن أن أنتمي لجماعاته…

مر شهرين من المعاناة والتحقيقات المتعاقبة والتهم الملفقة. لم أكن أفهم ما يحدث، كان هدفي زيارة المغرب لرؤية بناتي اللائي لم أرهن منذ خمس سنوات، و بعد 20 يوما أعود لحياتي العادية في ليبيا، فوجدت نفسي مقبلا على الدخول للسجن وتذوق مراراته.

كدت أُجن بعد مرور الشهرين من العذاب والتحقيق والانتقال من غرفة لأخرى من غرف التحقيق واتهامي بتهمة الإنتماء لداعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام). كنت أعاني بشدة من الضغط الذي كان يمارس علي في التحقيق ظلما وبهتانا.

قضيت بعد ذلك 4 أشهر في زنزانة فردية (الكاشو)، بسبب كلامي عن خرافات وخزعبلات الإسلام، لأني لم أكن أتوقف عن الكلام بسبب التراكمات والضغوط التي خضعت لها أثناء التحقيق…

ذات يوم تحدث إلي مدير السجن بعدما علم بما كنت أقوله عن الإسلام داخل السجن، وقال لي: أنت مرتد، يجب قتلك.

قلت له: كنت أظن أنني قادم للمغرب، وليس لبلد متطرف. وكانت المحادثة بيني وبين مدير السجن في حضور المحامية كي تكون شاهدة عليه. وبعد هذا الحوار نُقلت للسجن الانفرادي (الكاشو) مدة أربعة أشهر قاسيت فيها الجحيم و الويلات…

وبعد تحويلي تم نقلي مع مساجين من الدواعش المجرمين القادمين من سوريا، وهناك في السجن تمت محاولة قتلي خنقا بالبطانية(اللِحاف)، لولا تدخل رجل كبير كان سجينا معنا، بصراخه ومناداته لحراس السجن ليقوموا بإنقاذي من براثن أولئك الدواعش القتلة.

لولا الرب يسوع المسيح وإحساسي به يساندني ويُقويني، لكنت قد جُننت أو مت من الظلم والاعتداءات اللفظية والجسدية والنفسية التي تعرضت لها في التحقيقات الطويلة وفي السجن، خاصة في السجن الإنفرادي (الكاشو) الذي لم أكن أرى فيه أحدا…

لم يكن هناك لا هاتف ولا جهاز راديو ولا تلفزيون ولا أي شيء أتلهى به أو أناسي به نفسي ومصابي الجلل، سوى الصلاة والترنيم (الغناء) للرب يسوع المسيح.

ولكم أن تتخيلوا شدة المعاناة، في قضاء مدة طويلة في غرفة مظلمة مغلقة، لا شيء فيها سوى مرحاض متسخ و طعام سيء الأكل وغير صحي. لا ترى ولا تسمع صوتا ولا همسا لبشر، في جو بارد مكتئب كالقبر، مجرد تذكر تلك الأيام من المعاناة والظلم يحدث جرحا عميقا في قلبي ويتسبب لي في ألم نفسي شديد …

بعدها تم إصدار الحكم علي بسنتين في السجن، كانت صدمة قوية عندما سمعت قرار الحكم، على شيء لم أرتكبه ولم يكن لي فيه يد ولا رجل، حكم تعسفي ظالم. ففهمت أن القصد وراء هذا كله هو أن يتسببوا لي في الجنون ويقودوني لفقدان عقلي فقط لأنني تركت الإسلام لأتبع يسوع المسيح.

نُقلت لسجن آخر، لم يكن فيه إلا أخطر المجرمين والقتلة من الدواعش. أُعْطِيت لكل واحد من المساجين غرفة خاصة، وكنا نخرج ساعة في الصباح وساعة في المساء، قل كلامي وانعدمت قدرتي على حياة هادئة.

في محكمة الإستئناف سألني القاضي المسلم: هل أنت مسيحي؟

أجبته: نعم. فقال لي ها هي العامين من السجن ثابتة عليك. قالها بحقد وقد كنت آمل أن تُنصفني محكمة الإستئناف وتخفف عني شيئا من الحكم التعسفي الذي تعرضت له.

مرت السنتين مريرة قاسية واستسلمت للواقع البئيس الذي تم اقتيادي له وأنا بريء .

بعد خروجي من السجن عدت للحي الذي تربيت فيه، وجاهرت بإيماني وارتدادي عن الإسلام وعن كونه خرافة من اختراع محمد. كنت أُخبر الجميع أن الطريق والحق والحياة هو فقط الرب يسوع المسيح. تَحَديت بكلامي الجميع، الجيران والعائلة والأقارب…

تعبت من الإضطهادات في مدينتي فكنت أسافر وأتعرف على المؤمنين المسيحيين في المغرب. بعدها أخرجت ملفي من المحكمة كي أعرف سبب سِجني وظلمي.

وبعد ذلك سافرت مجددا إلى ليبيا وعدت للعمل هناك، وأرجعت ديوني التي تركتها هناك.

بعد أن تعرضت لعدة اضطهادات خطيرة في المغرب وليبيا بسبب إيماني بالرب يسوع المسيح، قررت أن أهاجر إلى أي بلد أعيش فيه إيماني بيسوع المسيح بكل حرية ودون خوف من القتل أو السجن. ومؤخرا هاجرت هجرة غير شرعية على متن “قارب الموت” من ليبيا إلى إيطاليا. وأشكر الرب يسوع المسيح أنه رغم خطورة البحر والأمواج والعواصف التي عشتها خلال اليومين في قارب متهالك، كنت فعلا أشعر أن الرب يسوع المسيح كان معي وانقدني من الموت. الآن أنا أعيش مرتاحا نفسيا في إيطاليا بلاد الحرية والأمن والأمان.

رجاء صلوا من أجلي ومن أجل زوجتي وبناتي أن الرب يسوع المسيح يتدخل بمعجزة ونعيش جميعا هنا في ايطاليا كأسرة مسيحية.

أمين

الرب يبارك حياتكم

زر الذهاب إلى الأعلى
يلا اضغط هنا
1
نحن هنا للتحدث معك
مرحبا 👋
👈 إذا عندك أي سؤال أو استفسار
لا تتردد في التواصل معنا
سواء بالكتابة أو بالصوت
تواصل معنا الآن 👇