عقائد مسيحيةمسيحيات

الزنا والخمر في المسيحية

في هذه المقالة سوف نتكلم عن موضوع مهم جدا والكثير من المسلمين ينظرون إليه بشكل خاطئ: الزنى والخمر، فالمسلمين يعتقدون أن المسيحية تشجع على الزنى و شرب الخمر، و يظنون أن المسيحية تتنافى مع الأخلاق السليمة و تبيح كل الانحرافات الأخلاقية، و قد كنا قد تناولنا في موضوع سابق الحلال و الحرام في المسيحية، و قلنا أنه لا يوجد حلال أو حرام، إنما هناك قاعدة ينبغي أن نسير عليها، هي ما ينفع و ما لا ينفع (يليق ولا يليق)، و اقترحنا طريقة بسيطة لنعرف هل هذا الموقف أو ذاك يناسبنا كمؤمنين مسيحيين، و ذلك بأن نتخيل المسيح معنا و نتساءل: هل لو كان المسيح معي سيشرب الخمر و يثمل؟ هل لو كان المسيح معي سيزني معي؟ هل لو كان المسيح معي سيحب التعري ويشاهد معي التعري؟ بالطبع لا، لأن هذا يتنافى مع الأخلاق ومع محبة الله، وهذه الخطايا تسيطر على الإنسان وتجعل تحرير المسيح لنا من كل القيود شيئا دون معنى، فنصبح عبيدا لتلك الخطايا مقيدين بها، مهددين بالتهذيب والحرمان من الشركة مع الله إن لم نتوقف ونندم…

الزنا والعلاقات الجنسية الغير شرعية في المسيحية

أول نص في الكتاب المقدس ينهى بشكل قاطع عن الزنا، جاء في (سفر الخروج 20: 14) ” لَا تَزْنِ “.

الزنا في المفهوم المسيحي مفهوم شامل يعني الخروج عن العهد بشكل عام، وإقامة علاقة مع إله آخر غير الله، زنا روحيا، ” هُوَذَا الْمُبْتَعِدُونَ عَنْكَ يَهْلِكُونَ وَأَنْتَ تُدَمِّرُ كُلَّ مَنْ يَخُونُكَ” (مزمور 73: 27). وهذا المفهوم الشامل يدخل ضمنه مفهوم الزنا كعلاقة غير شرعية نخرج فيها عن العهد مع الله أو مع الزوجة.

فمجرد النظر إلى امرأة بنظرة شهوة يعتبر في المسيحية زنا، وهذا ما يخبرنا به (إنجيل متى 5: 28) ” كُلُّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ بِقَصْدِ أَنْ يَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِها فِي قَلْبِهِ! “

ونجد نصا آخر يصنف الزنا ضمن مجموعة من الخطايا الكبرى، يتساوى مع القتل والسرقة. تقول كلمة الرب: ” فَمِنَ الْقَلْبِ تَنْبُعُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ، الْقَتْلُ، الزِّنَى، الْفِسْقُ، السَّرِقَةُ، شَهَادَةُ الزُّورِ، الازْدِرَاءُ.” (إنجيل متى 15: 19).

ويخبرنا الكتاب المقدس في نص آخر بأن لا نعاشر الزناة، كعقوبة أرضية لهم، وتأديب على هذه الخطية، وهذا يحيلنا إلى مدى خطورة عمل الزنا ومدى كراهتها في التعاليم المسيحية “كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي رِسَالَتِي أَنْ لَا تُعَاشِرُوا الزُّنَاةَ ” (رسالة كورنثوس الأولى 5: 9).

وفي نص آخر سنجد الزنا مقترنا بأفظع الخطايا التي تجعل الإنسان محروما من ملكوت الله، وهذا سينبهنا أكثر لخطورتها وعواقبها الوخيمة على العلاقة مع الله، لنتأمل جيدا: “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لَنْ يَرِثُوا مَلَكُوتَ اللهِ؟ لَا تَضِلُّوا: فَإِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَنْ يَرِثَهُ الزُّنَاةُ وَلا عَابِدُو الأَصْنَامِ وَلا الْفَاسِقُونَ وَلا الْمُتَخَنِّثُونَ وَلا مُضَاجِعُو الذُّكُورِ 10وَلا السَّرَّاقُونَ وَلا الطَّمَّاعُونَ وَلا السِّكِّيرُونَ وَلا الشَّتَّامُونَ وَلا الْمُغْتَصِبُونَ.” (رسالة كورنثوس الأولى 6: 9 – 10).

نلاحظ أن الخمر التي تؤدي إلى السكر والثمالة والإدمان تقترن بهذه الخطايا وتساويها خطورة، ” وَلا السِّكِّيرُونَ”.

أما الزنا فقد نظر إليها الكتاب المقدس هذه النظرة المستقبحة لعدة أسباب، فنحن نعرف أن الزواج رباط له قداسة خاصة في الإيمان المسيحي، وهو عهد يجب أن يتم صونه، ولهذا فالزنا تخل بهذا العهد وتنقضه، وهذا لا يتلاءم مع المؤمن المسيحي ويدخل في إطار (ما لا ينفع).

ولنؤكد على ما قيل مكتوب: ” حَافِظُوا جَمِيعاً عَلَى كَرَامَةِ الزَّوَاجِ، مُبْعِدِينَ النَّجَاسَةَ عَنِ الْفِرَاشِ. فَإِنَّ اللهَ سَوْفَ يُعَاقِبُ الَّذِينَ يَنْغَمِسُونَ فِي خَطَايَا الدَّعَارَةِ وَالزِّنَى.” (رسالة العبرانيين 13: 4).

ومن أسباب استقباح الزنى في الكتاب المقدس، إضافة لكونها خروجا عن العهد و سلوكا لا يتلاءم مع القداسة التي يجب أن يكون عليها المؤمن، نجد أن كلمة الله تعتبر الزنى نجاسة و دعارة، و من أعمال الجسد، و هذا بالطبع أشنع وصف يمكن أن توصف به الخطيئة، ليدفعنا هذا الوصف إلى نبذها و اجتنابها.. هذا مذكور في (رسالة غلاطية 5: 19) ولنتأمل النص “أَمَّا أَعْمَالُ الْجَسَدِ فَظَاهِرَةٌ، وَهِيَ: الزِّنَى وَالنَّجَاسَةُ وَالدَّعَارَةُ”.

إذا فبخلاصة، الزنى عمل مستقبح مشين، نهت عنه كلمة الله، لعدة أسباب قد أجملنا في ذكرها، و لهذا وجب على المؤمن المسيحي التحلي بالعفة و القداسة، و إلا فإن مصيره وخيم، و هذا ما يخبرنا عنه الكتاب المقدس في (سفر رؤيا يوحنا 21 : 8) ” أَمَّا الْجُبَنَاءُ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْفَاسِدُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ، وَالْمُتَّصِلُونَ بِالشَّيَاطِينِ وَعَبَدَةُ الأَصْنَامِ وَجَمِيعُ الدَّجَّالِينَ، فَمَصِيرُهُمْ إِلَى الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِالنَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي”.

هذه الآية تزيد من التشديد على خطورة الزنى، ويذكرها مصنفة مع القتلة وغير المؤمنين، ويتبين لنا من خلال النص، أن الزاني، مصيره بحيرة النار، الموت الثاني، الحرمان من ملكوت الله.

نضيف نصوصا أخرى لنتأملها في نفس السياق، لنقول كما تقول كلمة الرب “اهْرُبُوا مِنَ الزِّنَا! فَكُلُّ خَطِيئَةٍ يَرْتَكِبُهَا الإِنْسَانُ هِيَ خَارِجَةٌ عَنْ جَسَدِهِ، وَأَمَّا مَنْ يَرْتَكِبُ الزِّنَا، فَهُوَ يُسِيءُ إِلَى جَسَدِهِ الْخَاصِّ.” (رسالة كورنثوس الأولى 6: 18).

ونص آخر يأمرنا بالهرب من هذا العمل القبيح: ” فَإِنَّ مَشِيئَةَ اللهِ هِيَ هذِهِ: قَدَاسَتُكُمْ. وَذَلِكَ بِأَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَى” (رسالة تسالونيكي الأولى 4: 3).

إن من يدمن الزنى كما أسلفنا الذكر، ولا يتوب عن ذلك، يحرم من ملكوت الله، هكذا يعاقب الله الزناة. أما في العهد القديم، حسب شريعة موسى، فقد كانت العقوبة جسدية، بأن يتم رجم الزناة، لكن هل حقا سيجدي هذا نفعا ويمنع الزنا؟ طبعا لا، هذا إنما يجعلها مخفية، إن ما يمنع الزنى هو النصح، والتنبيه إلى خطورتها، وأنها تحزن الروح القدس، وأنها تتنافى مع القداسة التي يريدها الله لنا، فالكنيسة لا تعاقب عقوبة جسدية على الزنى، إنما تدع الأمر للسلطات الحكومية، ودور الكنيسة ينحصر في التنبيه على خطورة هذا العمل، على قباحته، والنصح للهرب منه.

الخمر في المسيحية

أما عن شرب الخمر و نظرة المسيحية إلى ذلك، فشرب الخمر لا يعتبر إدخال شيء نجس إلى الجسم، لأن الرب يسوع المسيح قد أخبرنا في إنجيل متى 11:15″ لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هُوَ الَّذِي يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ” ، من أفكار و أفعال و شهوات. فمفهوم الطهارة في المسيحية متعلق بما يصدر عن القلب، و ليس ما يدخل الجسم، لكن إن كان الخمر سيؤدي للإدمان و يؤدي للسكر و فعل أمور و أفعال غير طاهرة، و يسيطر على الإنسان و يزاحم روح الله في قلبه، فهنا يكون من الأمور التي لا تنفع، إذا فالسكر هو الخطية، و الإدمان هو الخطية، كما ذكرنا في نص سابق : ” فَإِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَنْ يَرِثَهُ الزُّنَاةُ وَلا عَابِدُو الأَصْنَامِ وَلا الْفَاسِقُونَ وَلا الْمُتَخَنِّثُونَ وَلا مُضَاجِعُو الذُّكُورِ 10وَلا السَّرَّاقُونَ وَلا الطَّمَّاعُونَ وَلا السِّكِّيرُونَ…” (كورنثوس الأولى 6 : 9 – 10) إلا إذا تاب طبعا فيدخل ملكوت الله.

أينما وجدنا آية في الكتاب المقدس تتحدث عن الخمر، فهناك سياق معين لا يعني أبدا التشجيع على شرب الخمر. النص الكتابي الذي ذكرناه سابقا ينهى بشكل واضح عن السكر، لأنه يؤدي غالبا إلى المشاكل، ولنعد مجددا إلى الطريقة التي اقترحناها سابقا، وسميناها بالطريقة الساذجة، في معرفة ما ينفع وما لا ينفع، هل المسيح سيقبل أن يسكر؟ وهل أقبل أن أكون سكرانا ثملا قدام المسيح، بالطبع عقلك وقلبك يقولان لا، إذا فالنتيجة واضحة، وهي أن الخمر حين تؤدي إلى السكر، والإدمان، تمنع صاحبها من دخول ملكوت الله، والآية واضحة جدا في هذا الصدد، لأن اشتهاء الخمر من عمل الجسد، ومن الشهوات التي يدعونا الرب يسوع المسيح إلى إماتتها وعدم تغذيتها حتى تصير إدمانا وتتحكم فينا.

زر الذهاب إلى الأعلى
يلا اضغط هنا
1
نحن هنا للتحدث معك
مرحبا 👋
👈 إذا عندك أي سؤال أو استفسار
لا تتردد في التواصل معنا
سواء بالكتابة أو بالصوت
تواصل معنا الآن 👇