عقائد مسيحيةمسيحيات

الحلال والحرام في المسيحية

أول شيء يجب أن ننطلق منه، هو أن المسيحية لا يوجد فيها شيء يمكن أن نطلق عليه اسم حلال أو حرام، بل هناك شيء ينفع، وشيء لا ينفع، ففي العهد القديم كان هناك ضوابط، لكن في العهد الجديد تركنا الله للروح القدس والضمير الأدبي، وسيأتي شرح هذا لاحقا، أما الآن سننطلق من بعض النصوص الكتابية، لنفهم أكثر هذه المسألة، ثم نعمق فهمنا بها وبكيفية معرفة ما ينفع وما لا ينفع المؤمن المسيحي حتى لا يقع في الخطية.

لنتأمل بداية هذا النص من (رسالة كورنثوس الأولى 6: 9 – 12):

“أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الظَّالِمِينَ لَنْ يَرِثُوا مَلَكُوتَ اللهِ؟ لَا تَضِلُّوا: فَإِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَنْ يَرِثَهُ الزُّنَاةُ وَلا عَابِدُو الأَصْنَامِ وَلا الْفَاسِقُونَ وَلا الْمُتَخَنِّثُونَ وَلا مُضَاجِعُو الذُّكُورِ 10وَلا السَّرَّاقُونَ وَلا الطَّمَّاعُونَ وَلا السِّكِّيرُونَ وَلا الشَّتَّامُونَ وَلا الْمُغْتَصِبُونَ. 11وَهكَذَا كَانَ بَعْضُكُمْ، إِلّا أَنَّكُمْ قَدِ اغْتَسَلْتُمْ، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ، بَلْ تَبَرَّرْتُمْ، بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَبِرُوحِ إِلهِنَا. كُلُّ شَيْءٍ حَلالٌ لِي، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ. كُلُّ شَيْءٍ حَلالٌ لِي، وَلكِنِّي لَنْ أَدَعَ أَيَّ شَيْءٍ يَسُودُ عَلَيَّ.”

رسالة كورنثوس الأولى 6: 9 – 12

ثم دعونا نتأمل نصا آخر في نفس الرسالة، (رسالة كورنثوس الأولى 10: 23)

كُلُّ شَيْءٍ حَلالٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ. كَلُّ شَيْءٍ حَلالٌ، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَبْنِي

رسالة كورنثوس الأولى 10: 23

 إذا، نخلص من هذه النصوص إلى أن الإيمان المسيحي ليس مجرد تعاليم تحلل لي أشياء وتحرم علي أشياء أخرى، بل جوهر المسيحية أعمق و أكبر من هذا بكثير، فهو علاقة توحد و شركة بينناا و بين الله، علاقة حب مع الله، تُغير قلب المؤمن المسيحي و تجعله قديسا يبغض الخطية و يكرهها، لأن المسيحي ينمو و يتملك قدرة للتمييز على ما ينفعه و لا ينفعه.

إذن فليس هناك حلال وحرام في المسيحية، بل هناك وصايا تدعو المؤمنين إلى حب الله وحب الناس، وكل ما يترتب عن هذا الحب فهو عمل صالح يجب القيام به، وهناك الخطايا التي تعني الأنانية والكبرياء، وكل ما يترتب عنها يمكن اعتباره شرا يتنافى مع محبة الله والناس، فيكون شيئا لا ينفع المؤمن المسيحي ويكون ملزما بالابتعاد عنه. إذا فليس هناك حرام وحلال، بل هناك شيء يوافقني وشيء لا يوافق. طبقا لعقلي الخاضع للحق.

أيضا نسوق مثالا آخر في سياق الحديث عما ينفع ولا ينفع، إن كل ما يسيطر على الإنسان ويؤثر في علاقته مع الله، لا ينفع ويجب التخلي عنه، مثلا الخمر والسجائر والقمار… هذه كلها أمور تسيطر على قلب الإنسان، والمؤمن المسيحي ينبغي أن يسلم كل حياته لله وأن يكون خاضعا للرب فقط، لأن الرب يسوع المسيح حررنا من كل شيء، كل هذه الأشياء التي لا تليق بعلاقتنا مع الله وتُعيقها، بصفتنا أبناء الله ولنا علاقة معه، هي أشياء لا تناسبنا.

نعود إلى النص الأول الذي ذكرناه، (رسالة كورنثوس الأولى 6: 9 – 12)، هنا بولس الرسول يتحدث مع المؤمنين في مدينة كورنثوس، عندما دخلوا للإيمان الجديد ومعهم عاداتهم القديمة والنواميس اليهودية، لم يفهموا بعد ناموس الحرية المسيحي الذي من ضمنه الناموس الأدبي الذي زودنا الله به، وهو الضمير الذي نستطيع من خلاله التمييز بين ما ينفع وما لا ينفع.

فقديما كان الله قد وضع مجموعة من النواميس لبني إسرائيل، وكان يتعامل معهم كذلك لغلظتهم وكذلك وضع لهم مجموعة من النواميس ليميزهم عن باقي الناس، وعلى سبيل المثال، ضوابط أعطاها الله لبني إسرائيل بشأن الطعام، يحدثنا سفر اللاويين عن الأطعمة التي يجب عدم تناولها في الإصحاح الحادي عشر، وهذه عينة من الضوابط التي وضعها الله لشعب إسرائيل بخصوص الطعام وحدد لهم (الحلال) و (الحرام) في مأكولاتهم (سفر اللاويين 2:11-12)

” وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَرُونَ:  2 «أَوْصِيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ: هَذِهِ هِيَ الْحَيَوَانَاتُ الَّتِي تَأْكُلُونَهَا مِنْ جَمِيعِ بَهَائِمِ الأَرْضِ: 3 تَأْكُلُونَ كُلَّ حَيَوَانٍ مَشْقُوقِ الظِّلْفِ وَمُجْتَرٍّ، 4 أَمَّا الْحَيَوَانَاتُ الْمُجْتَرَّةُ فَقَطْ، أَوِ الْمَشْقُوقَةُ الظِّلْفِ فَقَطْ، فَلا تَأْكُلُوا مِنْهَا، فَالْجَمَلُ غَيْرُ طَاهِرٍ لَكُمْ لأَنَّهُ مُجْتَرٌّ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَشْقُوقِ الظِّلْفِ، 5 وَكَذَلِكَ الْوَبْرُ نَجِسٌ لَكُمْ لأَنَّهُ مُجْتَرٌّ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَشْقُوقِ الظِّلْفِ، 6 أَمَّا الأَرْنَبُ فَإِنَّهُ مُجْتَرٌّ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مَشْقُوقِ الظِّلْفِ، لِذَلِكَ هُوَ نَجِسٌ لَكُمْ، 7 وَالْخِنْزِيرُ أَيْضاً نَجِسٌ لَكُمْ لأَنَّهُ مَشْقُوقُ الظِّلْفِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُجْتَرٍّ. 8 لَا تَأْكُلُوا مِنْ لَحْمِهَا وَلا تَلْمَسُوا جُثَثَهَا لأَنَّهَا نَجِسَةٌ لَكُمْ 9 أَمَّا مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فَتَأْكُلُونَ مِنْهُ كُلَّ مَالَهُ زَعَانِفُ وَقُشُورٌ، سَوَاءٌ كَانَ يَعِيشُ فِي الْبِحَارِ أَمِ الأَنْهَارِ، فَهَذِهِ تَأْكُلُونَهَا. 10 وَلَكِنْ إِيَّاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا الْحَيَوَانَاتِ الْمَائِيَّةَ الَّتِي لَيْسَ لَهَا زَعَانِفُ أَوْ قُشُورٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ تَعِيشُ فِي الأَنْهَارِ أَوِ الْبِحَارِ، أَوِ الزَّوَاحِفَ فِي الْمِيَاهِ، أَوْ كُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ فِيهَا، فَهَذِهِ كُلُّهَا مَحْظُورَةٌ عَلَيْكُمْ. 11فَلا تَأْكُلُوا مِنْ لَحْمِهَا وَامْقُتُوا جُثَثَهَا. 12كُلُّ حَيَوَانٍ مَائِيٍّ خَالٍ مِنَ الزَّعَانِفِ وَالْقُشُورِ يَكُونُ مَحْظُوراً عَلَيْكُمْ. “

سفر اللاويين 2:11-12

فالله قد وضع لبني إسرائيل هذه الضوابط ليميزهم عن باقي الشعوب، لكن في عهد النعمة، مع الرب يسوع المسيح، كل طعام طاهر، لكن ليس كل المؤمنين ناضجين في الإيمان بالقدر الذي يسمح لهم بتقبل هذه الحقيقة، أن كل الأطعمة طاهرة، وهذا ما نقرأه في (رسالة رومية 14: 1 – 8) ولنتأمل النص لنفهم منه بعض النقاط:

“وَمَنْ كَانَ ضَعِيفاً فِي الإِيمَانِ، فَاقْبَلُوهُ بَيْنَكُمْ دُونَ أَنْ تُحَاكِمُوهُ عَلَى آرَائِهِ. 2 مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ كُلَّ شَيْءٍ. وَأَمَّا الضَّعِيفُ فَيَأْكُلُ الْبُقُولَ. 3 فَمَنْ كَانَ يَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ، عَلَيْهِ أَلّا يَحْتَقِرَ مَنْ لَا يَأْكُلُ، وَمَنْ كَانَ لَا يَأْكُلُ، عَلَيْهِ أَلّا يَدِينَ مَنْ يَأْكُلُ، لأَنَّ اللهَ قَدْ قَبِلَهُ.  4 فَمَنْ أَنْتَ لِتَدِينَ خَادِمَ غَيْرِكَ؟ إِنَّهُ فِي نَظَرِ سَيِّدِهِ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ. وَلَسَوْفَ يَثْبُتُ، لأَنَّ الرَّبَّ قَادِرٌ أَنْ يُثَبِّتَهُ.  5 وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُرَاعِي يَوْماً دُونَ غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَبِرُ الأَيَّامَ كُلَّهَا مُتَسَاوِيَةً. فَلْيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مُقْتَنِعاً بِرَأْيِهِ فِي عَقْلِهِ. 6 إِنَّ مَنْ يُرَاعِي يَوْماً مُعَيَّناً، يُرَاعِيهِ لأَجْلِ الرَّبِّ؛ وَمَنْ يَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ، يَأْكُلُ لأَجْلِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ يُؤَدِّي الشُّكْرَ لِلهِ؛ وَمَنْ لَا يَأْكُلُ، لَا يَأْكُلُ لأَجْلِ الرَّبِّ، لأَنَّهُ يُؤَدِّي الشُّكْرَ لِلهِ. 7 فَلا أَحَدَ مِنَّا يَحْيَا لِنَفْسِهِ، وَلا أَحَدَ يَمُوتُ لِنَفْسِهِ.  8 فَإِنْ حَيِينَا، فَلِلرَّبِّ نَحْيَا؛ وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَسَوَاءَ حَيِينَا أَمْ مُتْنَا، فَإِنَّما نَحْنُ لِلرَّبِّ.”  

رسالة رومية 14: 1 – 8

فنفهم من النص الكتابي ما قلناه سابقا بخصوص أن كل الأطعمة طاهرة، وأنه ليس للجميع النضج الكافي لقبول هذه الحقيقة، والنقطة الثالثة والأهم، أنه ينبغي علينا أن لا نكون عثرة و نلوم أحدا على عدم أكله لنوع من الأطعمة، أو نأكل ذلك الطعام الذي لا يأكله إن كنا معه.

إذا فالعهد الجديد لا يهتم بنوع الطعام الذي نأكله ويحدد ما لا ينبغي أكله، إنما يهتم بالكمية، فالشهية الشرهة تتنافى مع ضبط النفس الذي ينبغي أن نتحلى به، وتتنافى مع الحرية التي أنعم علينا بها الرب يسوع المسيح، فمن لا يتحكم في شهيته نحو الطعام، سيكون بالضرورة غير متحكم في باقي شهواته، في نزوات نفسه، كالطمع والجشع والكراهية… وهنا تصير هذه النزوات هي الحاكم على هذا الشخص، وهذا لا يتلاءم مع كونه مسيحيا قد تحرر من كل القيود.

لأن المؤمن الحقيقي هو من يتحكم في كل ذلك، دعونا نتأمل معا (رسالة بطرس الثانية 1: 5 – 7)

“فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْذُلُوا كُلَّ اجْتِهَادٍ وَنَشَاطٍ فِي مُمَارَسَةِ إِيمَانِكُمْ حَتَّى يُؤَدِّيَ بِكُمْ إِلَى الْفَضِيلَةِ. وَأَقْرِنُوا الْفَضِيلَةَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الْمَعْرِفَةِ، 6 وَالْمَعْرِفَةَ بِضَبْطِ النَّفْسِ، وَضَبْطَ النَّفْسِ بِالصَّبْرِ، وَالصَّبْرَ بِالتَّقْوَى،7 وَالتَّقْوَى بِالْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ، وَالْمَوَدَّةَ الأَخَوِيَّةَ بِالْمَحَبَّةِ.”

رسالة بطرس الثانية 1: 5 – 7

“وَاعْلَمْ هَذَا الأَمْرَ: أَنَّ أَزْمِنَةً صَعْبَةً سَتَعُمُّ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ؛ 2 إِذْ يَكُونُ النَّاسُ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَكَبِّرِينَ، مُبَاهِينَ بِأَنْفُسِهِمْ، شَتَّامِينَ، غَيْرَ مُطِيعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، نَاكِرِينَ لِلْجَمِيلِ، دَنِسِينَ،  3 مُتَحَجِّرِي الْعَوَاطِفِ، غَيْرَ صَفُوحِينَ، نَمَّامِينَ، جَامِحِي الأَهْوَاءِ، شَرِسِينَ غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاحِ،  4خَائِنِينَ، وَقِحِينَ، مُدَّعِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّتِهِمْ لِلهِ، 5 لَهُمْ مِنَ التَّقْوَى مَظْهَرُهَا وَلكِنَّهُمْ لا يَحْيَوْنَ بِقُوَّتِهَا، فَعَنْ هؤُلاءِ النَّاسِ ابْتَعِدْ! 6فَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يَدْخُلُونَ الْبُيُوتَ خُلْسَةً، وَيُوْقِعُونَ فِي حَبَائِلِهِمْ بَعْضَ النِّسَاءِ الضَّعِيفَاتِ الْمُثْقَلاتِ بِالْخَطَايَا، اللَّوَاتِي تَجْرُفُهُنَّ شَهْوَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، 7يُصْغِينَ لِلتَّعْلِيمِ دَائِماً، وَلا يَسْتَطِعْنَ أَبَداً أَنْ يَبْلُغْنَ مَعْرِفَةَ الْحَقِّ بِالتَّمَامِ !  8 وَمِثْلَمَا قَاوَمَ (السَّاحِرَانِ) يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى، كَذَلِكَ أَيْضاً يُقَاوِمُ هَؤُلاءِ الْحَقَّ؛ أُنَاسٌ عُقُولُهُمْ فَاسِدَةٌ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ غَيْرُ أَهْلٍ لِلإِيمَانِ.  9 وَلكِنَّهُمْ لَنْ يَزْدَادُوا تَقَدُّماً، لأَنَّ حَمَاقَتَهُمْ سَتَنْكَشِفُ لِلْجَمِيعِ، مِثْلَمَا انْكَشَفَتْ حَمَاقَةُ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.”

رسالة تيموثاوس الثانية 3: 1 – 9

فكل هذه النصوص وغيرها تدعونا إلى التحرر من كل القيود المعيقة، لننمو في إيماننا وتكون كل إرادتنا للرب يسوع المسيح فقط، وليس لغيره من الشهوات والنزوات الشريرة.

فالإنسان بشكل عام قد خلقه الله مخيرا، وزوده بالضمير والعقل الذي يمكنه من التمييز بين ما ينفع وما لا ينفع، وله حق الاختيار، فلو سلك طريق الخطية يعني وسار فيه بمحض إرادته، في الرذائل والأمور الشريرة، فحزن قلب الله، وهذه وحدها خسارة روحية لو أدركها الإنسان لعرف مدى فضاعتها. كأن الله يقول لكل خاطئ فينا: إن مارست ما منعتك عنه فأنت تُحزن قلبي وتحرم نفسك من محبتي، من حمايتي، من زمن النعمة، من الخلاص بدم الحمل ومن الملكوت. لكن الله فسح المجال للخاطئ لكي يعود إلى جادة الصواب، ولذلك فالله لم يجعل من العقوبة فورية بحقه كما يفعل القضاة في المحاكم الجنائية، بل فسح له مجال للتوبة لكي يعود ويحصل على كل البركات:

لأَنَّ ابْنِي هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ

إنجيل لوقا 15: 24

فنحن قادرون على التمييز بين ما ينفع وما لا ينفع، وعلينا أن نستعين بتوجيهات الرب يسوع المسيح له المجد ونتخذه قدوة لنا، ونستعين بمعونة الروح القدس ونستمع لخطابه في قلوبنا، ونحذر بشدة من العواقب الوخيمة التي تلحق بنا إن كنا لا نولي أي اهتمام لسلوكنا وأفعالنا.

“فَإِنَّ مَا أَفْعَلُهُ لَا أَمْلِكُ السَّيْطَرَةَ عَلَيْهِ: إِذْ لَا أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، وَإِنَّ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَعْمَلُ 16 فَمَادُمْتُ أَعْمَلُ مَا لَا أُرِيدُهُ، فَإِنِّي أُصَادِقُ عَلَى صَوَابِ الشَّرِيعَةِ. 17 فَالآنَ، إِذَنْ، لَيْسَ بَعْدُ أَنَا مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ، بَلِ الْخَطِيئَةُ الَّتِي تَسْكُنُ فِيَّ. 18لأَنَّنِي أَعْلَمُ أَنَّهُ فِيَّ، أَيْ فِي جَسَدِي، لَا يَسْكُنُ الصَّلاحُ: فَأَنْ أُرِيدَ الصَّلاحَ ذَلِكَ مُتَوَفِّرٌ لَدَيَّ؛ وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَهُ، فَذَلِكَ لَا أَسْتَطِيعُهُ. 19فَأَنَا لَا أَعْمَلُ الصَّلاحَ الَّذِي أُرِيدُهُ؛ وَإِنَّمَا الشَّرُّ الَّذِي لَا أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أُمَارِسُ. “

رسالة رومية 7: 15 – 20

ولنتأمل هذا النص جيدا:

رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ

مزامير 111: 10

طريقة “ساذجة” للتمييز بين الحلال والحرام (بين ما ينفع وما لا ينفع):

هي طريقة بسيطة وقد يصح القول عنها ساذجة، للتمييز بين ما ينفع وبين ما لا ينفع، لكنها فعالة جدا، وفيها حكمة بالغة، فلكي تعرف الخير من الشر، النافع من غير النافع، في أي موقف أو اختيار يحصل معك، ضع الرب يسوع المسيح أمامك، تخيله أمامك، وتساءل: هل الرب يسوع المسيح لو كان في مكاني وموقفي، سيفعل هذا أو ذاك؟

إن مجرد ذكرنا لاسم الرب يسوع المسيح يبث في نفوسنا قداسة ويجعلنا نخجل من فعل الأمور الحرام، أو بتعبير أفضل: الأمور التي لا تنفع، فمن المهم إذا أن نتصور الرب يسوع المسيح أمامنا في كل المواقف حاضرا أمامنا، مثلا: يا ترى هل إن دخلت للسينما هل سيقبل الرب يسوع المسيح أن يدخل معي؟ هل إن دخلت لحانة القمار سيقبل الرب يسوع المسيح الدخول معي؟ …

بطرح مثل هذه التساؤلات، ستتضح لنا الإجابة عنها، ونتمكن من معرفة ما يصلح وما لا يصلح، ونقول مثلما قال يوسف عندما عرضت الخطيئة عليه:

فَكَيْفَ أَقْتَرِفُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟

سفر التكوين 39: 9
زر الذهاب إلى الأعلى
يلا اضغط هنا
1
نحن هنا للتحدث معك
مرحبا 👋
👈 إذا عندك أي سؤال أو استفسار
لا تتردد في التواصل معنا
سواء بالكتابة أو بالصوت
تواصل معنا الآن 👇